للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثاني: التنزيه:

أما التنزيه فإن السلف يعتقدون أن الله لا يشبهه شيء لا في ذاته ولا في أسمائه وصفاته، ولا في أفعاله، فمن شبه الله بخلقه، وألحد في أسمائه وصفاته، وجحد ما وصف الله به نفسه، فقد كفر، وليس ما وصف الله به نفسه أو ما وصفه به رسوله - صلى الله عليه وسلم - تشبيهًا أو تمثيلًا كما قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (١) كما أنهم ينفون عنه سبحانه -كل ما نفاه عن نفسه أو نفاه عنه رسوله - صلى الله عليه وسلم - اعتقادًا بأن المراد من النفي هو إثبات كمال ضده، وليس النفي المحض، لأن النفي المحض لا يقصد به المدح إلا إذا تضمن إثبات كمال ضد ذلك المنفي، فكل ما أوجب نقصًا أو حدوثًا، فإن الله منزه عنه حقيقة.

قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: "لله أسماء وصفات لا يسع أحدًا ردها، ومن خالف بعد ثبوت الحجة عليه كفر، وأما قبل قيام الحجة فإنه يعذر بالجهل، لأن علم ذلك لا يدرك بالعقل ولا الرؤية والفكر، فنثبت هذه الصفات، وننفي عنه التشبيه كما نفى عن نفسه فقال: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)} (١) " (٢).

وقال شيخ الإسلام ابن خزيمة (٣) رحمه الله تعالى عند كلامه على صفة الوجه لله عز وجل: فنحن وجميع علمائنا من أهل الحجاز وتهامة،


(١) سورة الشورى آية (١١).
(٢) طبقات الحنابلة (١/ ٢٨٣) حيث ساقه المؤلف بإسناده إلى الشافعي وذكره الحافظ ابن حجر في الفتح (١٣/ ٤٠٧).
(٣) أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة بن المغيرة السلمي النيسابوري الإمام الحافظ الحجة، كان سلفي العقيدة على طريقة أهل الحديث. له مصنفات مفيدة منها: كتاب التوحيد، كتاب صحيح ابن خزيمة، توفي سنة ٣١١ هـ.
الجرح والتعديل (٧/ ١٩٦) وسير أعلام النبلاء (١٤/ ٣٦٥) وشذرات الذهب (٢/

<<  <   >  >>