للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالحق ما ساروا عليه، والعلم ما بينوه وأوضحوه، وما عدا ذلك فهو علم لا منفعة فيه، وقد أشار ابن رجب رحمه الله تعالى إلى هذا فقال: فأفضل العلوم في تفسير القرآن ومعاني الحديث، والكلام في الحلال والحرام ما كان مأثورًا عن الصحابة والتابعين وتابيعهم، إلى أن ينتهي إلى زمن أئمة الإسلام المشهورين المقتدى بهم، فضبط ما روي عنهم في ذلك أفضل العلم، مع تفهمه وتعقله والتفقه فيه، وما حدث بعدهم من التوسع لا خير في كثير منه إلا أن يكون شرحًا بكلام يتعلق بكلامهم.

وأما ما كان مخالفًا لكلامهم فأكثره باطل أو لا منفعة فيه وفي كلامهم في ذلك كفاية وزيادة، فلا يوجد في كلام من بعدهم من حق إلا وهو في كلامهم موجود بأوجز لفظ وأخصر عبارة، ولا يوجد في كلام من بعدهم من باطل إلا وفي كلامهم ما يبين بطلانه لمن فهمه وتأمله.

ويوجد في كلامهم من المعاني البديعة، والمآخذ الدقيقة ما لا يهتدي إليه من بعدهم، ولا يلم به.

فمن لم يأخذ العلم من كلامهم فإنه ذلك الخير كله، مع ما يقع في كثير من الباطل متابعة لمن تأخر عنهم (١).

وبهذا يتبين لنا صحة الموقف الذي اتخذه ابن رجب رحمه الله تعالى في بيان حال السلف وصحة منهجهم في أمور الدين كلها.


(١) فضل علم السلف على علم الخلف (ص ١٤٧، ١٤٨).

<<  <   >  >>