للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا كله مما دلت عليه الآيات في كتاب الله تعالى ومما جاءت به الأحاديث في سنة المصطفى - صلى الله عليه وسلم -.

وقد ذكر ابن رجب رحمه الله تعالى في معرض كلامه بعضًا من الآيات الدالة على ذلك.

ومن الآيات التي تدل على إثبات هذه الصفة لله تعالى مما لم يذكره ابن رجب رحمه الله تعالى قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (١٥)} (١).

قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره لهذه الآية: يخبر تعالى بغناه عما سواه، وبافتقار المخلوقات كلها إليه وتذللها بين يديه فقال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ} أي: هم محتاجون إليه في جميع الحركات والسكنات، وهو تعالى الغني عنهم بالذات، ولهذا قال عزّ وجلّ: {وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} أي: "هو المنفرد بالغنى وحده لا شريك له، وهو الحميد في جميع ما يفعله ويقوله ويقدره ويشرعه" (٢).

وأما الأحاديث الدالة على هذه الصفة فكثيرة جدًا:

منها ما ذكره ابن رجب رحمه الله تعالى في معرض كلامه السابق.

ومنها حديث عائشة رضي الله عنها قالت: شكا الناس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قحوط المطر، فأمر بمنبر فوضع له في المصلى، ووعد الناس يومًا يخرجون فيه، فقالت عائشة: فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين بدأ حاجب الشمس، فقعد على المنبر فكبّر - صلى الله عليه وسلم - وحمد الله عزّ وجلّ، ثم قال: "إنكم شكوتم جدب دياركم واستئخار المطر عن إبان (٣) زمانه


(١) سورة فاطر آية (١٥).
(٢) تفسير ابن كثير (٣/ ٥٧٧).
(٣) إبان زمانه: وقت زمانه، وإبان كل شيء بالكسر والتشديد: وقته وحينه الذي يكون فيه. لسان العرب (١٣/ ٤).

<<  <   >  >>