للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العاصين، ولو كان الجن والإنس كلهم عصاة فجرة قلوبهم على قلب أفجر رجل منهم.

فإنه سبحانه الغني بذاته عمن سواه، وله الكمال المطلق في ذاته وصفاته وأفعاله فملكه ملك كامل، لا نقص فيه بوجه من الوجوه على أي وجه كان ... إلى أن قال: "إن جميع الخلق لو كانوا على صفة أكمل خلقه من البر والتقوى لم يزد ذلك في ملكه شيئًا، ولا قدر جناح بعوضة، ولو كانوا على صفة أنقص خلقه من الفجور لم ينقص ذلك من ملكه شيئًا. فدل على أن ملكه كامل على أي وجه كان، لا يزاد ولا يكمل بالطاعة ولا ينقص بالمعاصي ولا تؤثر فيه شيئًا" (١).

فقد بيّن ابن رجب رحمه الله تعالى في كلامه السابق أن من صفات الله تبارك وتعالى صفة الغنى المطلق من جميع الوجوه، وأنه سبحانه وتعالى هو الغني الحميد الذي بيده خزائن السموات والأرض وأنه سبحانه هو الذي يغني جميع خلقه لأنهم جميعًا مفتقرون إليه في كل شيء في وجودهم وقيامهم وقعودهم وحركاتهم، وسكناتهم، وفي كل شأن من شؤون حياتهم.

كما أوضح رحمه الله تعالى أن الله تبارك وتعالى قيوم السموات والأرض بيده كل شيء، وهو على كل شيء قدير، فلا تزيده طاعة مطيع، ولا تنقصه معصية عاص لأنه غني عن خلقه أجمعين، فهو سبحانه وتعالى له الغنى المطلق الكامل، وهو متصف بصفة الغنى المطلق من جميع الوجوه فلا يتطرق إليه نقص بوجه من الوجوه، لأن غناه تبارك وتعالى من لوازم ذاته فلا يحتاج إلى أحد بحال من الأحوال، بل العباد كلهم محتاجون إليه مفتقرون إليه ليس لهم غنا عنه بأية حال من الأحوال.


(١) جامع العلوم والحكم (٢/ ١٩٤، ١٩٥).

<<  <   >  >>