للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال تعالى حاكيًا عن موسى: {وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (٨)} (١).

وقال: {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (٩٧)} (٢).

وقال: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} (٣).

والمعنى أنه تعالى يحب من عباده أن يتقوه ويطيعوه كما أنه يكره منهم أن يعصوه، ولهذا يفرح بتوبة التائبين ...

هذا كله مع غناه عن طاعات عباده وتوباتهم إليه، وأنه إنما يعود نفعها إليهم دونه، ولكن هذا من كمال جوده وإحسانه إلى عباده ومحبته لنفعهم، ودفع الضر عنهم، فهو يحب من عباده أن يعرفوه ويحبوه ويخافوه ويتقوه ويطيعوه ويتقربوا إليه، ويحب أن يعلموا أنه لا يغفر الذنوب غيره وأنه قادر على مغفرة ذنوب عباده (٤).

وقال رحمه الله تعالى أيضًا عند قوله - صلى الله عليه وسلم -: "يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وأنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم، ما زاد ذلك في ملكي شيئًا، ولو كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئًا" (٥).

قال: هو إشارة إلى أن ملكه لا يزيد بطاعة الخلق، ولو كانوا كلهم بررة أتقياء، قلوبهم على قلب أتقى رجل منهم، ولا ينقص ملكه بمعصية


(١) سورة إبراهيم آية (٨).
(٢) سورة آل عمران آية (٩٧).
(٣) سورة الحج آية (٣٧).
(٤) جامع العلوم والحكم (٢/ ١٨٩، ١٩٠).
(٥) تقدم تخريجه (ص ١٧٤).

<<  <   >  >>