للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتشبيهًا بصفات المخلوقين من فعل أهل الضلال والزيغ الذين ضلوا عن الطريق المستقيم، نسأل الله السلامة والعافية.

خامسًا: صفة النزول إلى السماء الدنيا:

المقصود بصفة النزول هو إثبات أن الله عزّ وجلّ ينزل في كل ليلة إلى السماء الدنيا فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له، كما ورد ذلك في الأخبار، فالواجب إثبات ذلك على حقيقته من غير تحريف ولا تكييف.

قال ابن رجب رحمه الله تعالى وهو يتكلم عن قرب الله سبحانه وتعالى من عباده "وليس هذا القرب تقرب الخلق المعهود منهم كما ظنه من ظنه من أهل الضلال، وإنما هو قرب ليس يشبه قرب المخلوقين كما أن الموصوف به ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وهكذا القول في أحاديث النزول إلى سماء الدنيا فإنه نوع من قرب الرب من داعيه وسائليه، ومستغفريه وقد سئل عنه حمّاد بن زيد (١) فقال: هو في مكانه يقرب من خلقه كيف يشاء ومراده أن نزوله ليس هو انتقال من مكان إلى مكان كنزول المخلوقين وقال حنبل: سألت أبا عبد الله ينزل الله إلى سماء الدنيا؟ قال: نعم قلت: نزوله بعلمه أو بماذا؟ قال: اسكت عن هذا مالك ولهذا، امض الحديث على ما روى بلا كيف ولا حدّ إلا ما جاءت به الآثار وجاء به الكتاب قال الله تعالى: {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ} (٢) ينزل كيف شاء بقدرته وعلمه وعظمته أحاط بكل شيء


(١) حماد بن زيد بن درهم الأزدي الحافظ الثبت، قال يحيى بن معين: ليس أحد أثبت من حماد بن زيد، وقال الإمام أحمد فيه: حماد بن زيد من أئمة المسلمين، توفي سنة ١٧٩ هـ.
سير أعلام النبلاء (٧/ ٤٥٦) والبداية والنهاية (١٠/ ١٩٨).
(٢) سورة النحل آية (٧٤).

<<  <   >  >>