للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاعتراض لأن ذلك من لوازمهم إذا فعلوا شيئًا من ذلك أما الرب تبارك وتعالى فهو ممتنع في حقه لأنه منزه عما يكون من صفات المخلوقين الضعفاء، فنزول الله تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا نزولًا حقيقيًا يليق بجلاله وعظمته كما جاءت بذلك الأدلة.

ومن أول النزول، وحرف نصوص الكتاب والسنة الواردة في هذه الصفة بمثل هذه الحجة الواهية فقد أخطأ حيث ظن أن أفعال الله تبارك وتعالى وصفاته كأفعال الخلق وصفاتهم فشبه الله عز وجلّ بخلقه ووقع فيما فر منه وجمع بين التعطيل والتشبيه.

وقد رد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى على هذه الشبهة فقال: "وهذا الذي ذكروه إنما يصح إذا جعل نزوله من جنس نزول أجسام الناس من السطح إلى الأرض، وهو يشبه قول من قال: يخلو العرش منه بحيث يصير بعض المخلوقات فوقه وبعضها تحته" (١).

ويقول أيضًا رحمه الله تعالى رادًا على هذه الشبهة: "وهذا إنما قالوه لتخيلهم من نزوله ما يتخيلونه من نزول أحدهم، وهذا عين التمثيل، ثم إنهم بعد ذلك جعلوه كالواحد العاجز منهم الذي لا يمكنه أن يجمع من الأفعال ما يعجز غيره عن جمعه، وقد جاءت الأحاديث بأنه يحاسب خلقه يوم القيامة كل منهم يراه مخليًا به ويناجيه لا يرى أنه متخل لغيره ولا مخاطب لغيره".

وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا قال العبد (الحمد لله رب العالمين) يقول الله: حمدني عبدي، وإذا قال: (الرحمن الرحيم) قال الله: أثنى عليّ عبدي" (٢) فكل من الناس يناجيه والله تعالى يقول لكل منهم ذلك، ولا يشغله شأن عن شأن ...


(١) شرح حديث النزول لابن تيمية (ص ١٠٦).
(٢) هذا جزء من حديث قدسي أخرجه مسلم: كتاب الصلاة (١/ ٢٩٦).

<<  <   >  >>