للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن مثل مفعولاته التي خلقها بمفعولات غيره فقد وقع في تمثيل المجوس (١) القدرية فكيف بمن مثل أفعاله بنفسه أو صفاته بفعل غيره وصفته يقال لهؤلاء: أنتم تعلمون أن الشمس جسم واحد، وهي متحركة حركة واحدة متناسبة لا تختلف، ثم إنه بهذه الحركة الواحدة تكون طالعة على قوم وغاربة عن آخرين، وقريبة من قوم وبعيدة من آخرين فيكون


(١) المجوس: هم الذين يعبدون النار، لأنهم يعتقدون أنها أعظم شيء في الدنيا ويسجدون للشمس إذا طلعت وينكرون نبوة آدم، ونوح عليهما السلام، وقالوا: لم يرسل الله عز وجلّ إلا رسولًا واحدًا، لا ندري من هو، ويقولون بإثبات أصلين النور والظلمة. وقد نشأت المجوسية في بلاد الفرس.
اعتقادات فرق المسلمين والمشركين (ص ٨٦) والرد على الرافضة (ص ١٣٤) والملل والنحل (١/ ٢٣٣) والبرهان في عقائد أهل الأديان (ص ٩٠).
والقدرية: سموا بذلك لقولهم في القدر، وهم يزعمون أن العبد يخلق فعله، وأن أفعال العباد مقدرة لهم على جهة الاستقلال، والمتقدمون منهم ينكرون علم الله بالأشياء قبل وجودها، ومنهم معبد الجهني وهم الذين كفرهم السلف.
وأما المتأخرون منهم فهم يثبتون العلم وينازعون في مرتبة الخلق، ومن أشهر فرقهم المعتزلة.
والقدرية هم مجوس هذه الأمة كما أطلق ذلك عليهم السلف، وقد وردت آثار بتسمية القدرية مجوس هذه الأمة، وبعض هذه الآثار مرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومنها ما أخرجه أحمد (٢/ ١٢٥) وأبو داود في سننه: كتاب السنة، باب القدر (٥/ ٦٦) وابن ماجه في سننه: المقدمة (١/ ٣٥) وابن أبي عاصم في السنة (١/ ١٤٤، ١٤٥).
وجميع هذه الروايات ضعفها أئمة الحديث ولكن يعضد بعضها بعضًا. ووجه تسمية القدرية بمجوس هذه الأمة أنهم حين قالوا بأن الله تعالى لم يخلق الشر ولم يقدره اضطروا إلى القول بأن الإنسان هو خالق أفعاله كما تزعم المعتزلة فهم بهذا أشبهوا المجوس بقولهم أن الله إله الخير والنور، والشر والظلمة لها خالق آخر غيره بزعمهم تعالى الله عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا.
الفرق بين الفرق (١١٤) والبرهان في معرفة عقائد أهل الأديان (٥٠) ومجموع الفتاوى (٨/ ٢٥٨، ٤٣٠) ولوامع الأنوار البهية (١/ ٣٠٢ - ٣٠٦).

<<  <   >  >>