للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكل واحد من هؤلاء يعطلون حقائق مانعت الله به نفسه، ويشتركون في تأويل نصوص الكتاب والسنة، ويجعلون قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} (١). مستندًا لهم في رد الأحاديث الصحيحة الثابتة، فكلما جاءتهم آية أو حديث تخالف قواعدهم وآراءهم، وما وضعته عقولهم وأفكارهم، فإن كانت هذه النصوص قابلة للتأويل والتحريف أولوها وحرفوها، وإن لم تكن قابلة ردوها وأنكروها ورموها وراء ظهورهم، وهم ما بين مقل ومكثر في التأويل والتعطيل وهم مع ذلك يستدلون على ما ذهبوا إليه بقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} (٢) تلبيسًا منهم وتشكيكًا لمن هو أعمى قلبًا منهم، وتحريفًا لمعنى نصوص الكتاب والسنة عن مواضعه.

وقد بنوا مذهبهم على أصل باطل أصلوه من عند أنفسهم فقالوا: إن إثباتها يقتضي التشبيه والتمثيل بالمخلوقين، ولذلك أولوها وحرفوا معانيها زاعمين أن ذلك لأجل التنزيه فوقعوا في شر مما فروا منه وهو تشبيه المولى تبارك وتعالى بالمعدومات والجمادات فشبهوا الله سبحانه وتعالى في ابتداء آرائهم الفاسدة بخلقه ثم عطلوه من صفات كماله، وشبهوه بالناقصات والجمادات والمعدومات، فهم شبهوا أولًا وعطلوا ثانيًا.

وأما المشبهة فهم الذين أثبتوا أسماء الله تعالى وصفاته وغلوا في الإثبات إلى حد أن شبهوه بالمخلوقات وجعلوا صفاته سبحانه وتعالى من جنس صفاتهم لأنهم يظنون أن لا حقيقة لها إلا هذا.

والشبهة التي أدت بالمشبهة إلى التشبيه والتمثيل هي أنهم يقولون


(١) سورة الشورى آية (١١).
(٢) سورة الشورى آية (١١).

<<  <   >  >>