للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي صحيح البخاري أيضًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا أحد أصبر على أذى سمعه من الله، إنهم يجعلون له ولدا وهو يرزقهم ويعافيهم" ... (١) (٢).

فنسبة الولد إلى الله سبحانه وتعالى فرية عظيمة قال بها اليهود والنصارى والمشركون من العرب، ومن سلك سبيلهم من الفلاسفة وغيرهم فاليهود المغضوب عليهم زعموا أن عزيرًا ابن الله، والنصارى الضالون زعموا أن المسيح ابن الله، ومشركوا العرب زعموا أن الملائكة بنات الله تعالى الله عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا.

وقد رد الله تبارك وتعالى هذه المزاعم كلها في القرآن الكريم، وبيّن بطلانها بنفي الولد وتنزهه عن ذلك تبارك وتعالى.

وقد بين ابن رجب رحمه الله تعالى فى كلامه السابق بطلان هذه الفرية، وذكر بعض الأدلة التي وردت في الرد على هذا الزعم الباطل لأن هذا القول قول عظيم في القبح والبشاعة والنكارة، فالله سبحانه وتعالى الواحد الأحد الفرد الصمد المستغني عن جميع خلقه وهم محتاجون إليه، قهر الأشياء كلها فدانت له وذلت وخضعت.

وقد أنذر الله تبارك وتعالى جميع الطوائف التي تنسب إليه الولد بالوعيد الشديد والتهديد الأكيد قال تعالى: {وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (٤) مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا (٥)} (٣).


(١) صحيح البخاري: كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} (٨/ ١٦٥) وأخرجه مسلم أيضًا: كتاب صفات المنافقين، باب لا أحد أصبر على أذى من الله عز وجلّ (٤/ ٢١٦٠).
كلهم من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.
(٢) تفسير سورة الإخلاص (ص ٥٨، ٥٩).
(٣) سورة الكهف آية (٤، ٥).

<<  <   >  >>