للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى في تفسيره لهذه الآية: "يقول تعالى ذكره ويحذر أيضًا محمد القوم {الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا} من مشركي قومه وغيرهم، بأس الله وعاجل نقمته، وآجل عذابه على قيلهم ذلك" (١).

ونفي الولد عن الله سبحانه وتعالى يجب اعتقاد ثبوت ضده لله على الوجه اللائق بجلاله لأن النفي المحض عدم محض فهو ليس بشيء وليس في النفي المجرد إثبات صفة كمال، ولهذا كان عامة ما وصف الله به نفسه من النفي متضمنًا لإثبات المدح والكمال، والمدح الذي تضمنه نفي الولد عن الله إثبات إنه الأحد سبحانه المنفرد بذاته يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: "وينبغي أن يعلم أن النفي ليس فيه مدح ولا كمال إلا إذا تضمن إثباتًا، وإلا فمجرد النفي ليس فيه مدح ولا كمال لأن النفي المحض عدم محض، والعدم المحض ليس بشيء، وما ليس بشيء فهو كما قيل: ليس بشيء فضلًا عن أن يكون مدحًا أو كمالًا، ولأن النفي المحض يوصف به المعدوم والممتنع، والمعدوم والممتنع لا يوصف بمدح ولا كمال، فلهذا كان عامة ما وصف الله به نفسه من النفي متضمنًا لإثبات مدح كقوله: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} إلى قوله {وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا} (٢) فنفي السنة والنوم يتضمن كمال الحياة والقيام، فهو مبين لكمال أنه الحي القيوم، وكذلك قوله: {وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا} أي لا يكرثه ولا يثقله وذلك مستلزم لكمال قدرته وتمامها (٣).

وأرى من المناسب أن أذكر هنا فائدة لها صلة بهذا المبحث ذكرها ابن رجب رحمه الله تعالى في تفسيره لسورة الإخلاص حيث قال:


(١) تفسير ابن جرير الطبري (١٥/ ١٩٣).
(٢) سورة البقرة آية (٢٥٥).
(٣) الرسالة التدمرية (ص ٢٢).

<<  <   >  >>