للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حضرته الوفاة قال لبنيه: تعلمون أحدًا أعلم بالكلام مني؟ قالوا: لا، قال: فتتهمونني، قالوا: لا، قال: فإني أوصيكم أتقبلون؟ قالوا: نعم، قال: عليكم بما عليه أصحاب الحديث فإني رأيت الحق معهم" (١).

وكان أبو المعالي الجويني إمام الحرمين يقول: "لقد جلت أهل الإسلام جولة وعلومهم وركبت البحر الأعظم وغصت في الذي نهوا عنه كل ذلك في طلب الحق وهربًا من التقليد، والآن فقد رجعت عن الكل إلى كلمة الحق عليكم بدين العجائز فإن لم يدركني الحق بلطيف بره فأموت على دين العجائز ويختم عاقبةً أمري عند الرحيل بكلمة الإخلاص فالويل لابن الجويني (٢).

وكان يقول لأصحابه: يا أصحابنا لا تشتغلوا بالكلام فلو عرفت أن الكلام يبلغ بي ما بلغ ما تشاغلت به.

وممن اشتهر عنه الرجوع إلى مذهب السلف، وذم علم الكلام أبو الفتح الشهرستاني (٣) حيث أخبر أنه لم يجد عند الفلاسفة والمتكلمين إلا الحيرة والندم، وكان ينشد:

لعمري لقد طفت المعاهد كلها ... وسيرت طرفي بين تلك المعالم

فلم أر إلا واضعًا كف حائر ... على ذقن أوقار عاسن نادم (٤)


(١) تاريح بغداد (١٣/ ٤٤١) وتلبيس إبليس لابن الجوزي (ص ٨٤) والنجوم الزاهرة (٢/ ٢١٠).
(٢) تلبيس إبليس لابن الجوزي (ص ٨٤، ٨٥) ومجموع الفتاوى (٤/ ٧٣) والروض الباسم لابن الوزير (٢/ ١٤).
(٣) أبو الفتح محمد بن عبد الكريم بن أحمد الشهرستاني من كبار أئمة الأشاعرة، له مؤلفات كثيرة منها: الملل والنحل، نهاية الأقدام في علم الكلام، توفي سنة ٥٤٨ هـ.
وفيات الأعيان (٤/ ٢٧٣) والعبر (٣/ ٧) وشذرات الذهب (٤/ ١٤٩).
(٤) انظر: درء تعارض العقل والنقل (١/ ١٥٩) وشرح العقيدة الطحاوية (ص ٢٢٨) والروض الباسم لابن الوزير (٢/ ١٥).

<<  <   >  >>