للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والقولان متلازمان، وليس هذا من استعمال اللفظ المشترك في معنييه كليهما، أو استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه، بل هذا استعماله في حقيقته المتضمنة للأمرين جميعًا، فتأمله فإنه موضوع عظيم النفع، وقل من يفطن له، وأكثر آيات القرآن دالة على معنيين فصاعدًا، فهي من هذا القبيل" (١).

فالدعاء هو روح العبادة ومخها كما ورد بذلك قول المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: "الدعاء هو العبادة" (٢).

وهو أعظم أنواع العبادة وأجلها ولذلك كان أقوى وسائل القرب إلى الله تعالى، وأفضل ما يتقرب به العبد إلى مولاه.

يقول ابن رجب رحمه الله تعالى مبينا ذلك: "واعلم أن سؤال الله عز وجل دون خلقه هو المتعين، لأن السؤال فيه إظهار الذل من السائل والمسكنة والحاجة والافتقار، وفيه الاعتراف بقدرة المسؤول على رفع هذا الضر ونيل المطلوب وجلب المنافع ودرء المضار، ولا يصلح الذل والافتقار إلا لله وحده لأنه حقيقة العبادة" (٣).

وقال رحمه الله تعالى أيضا: "وقوله - صلى الله عليه وسلم - "إذا سألت فاسأل الله" (٤) أمر بإفراد الله عز وجل بالسؤال ونهى عن سؤال غيره من الخلق، وقد أمر الله تعالى بسؤاله فقال: {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} ... (٥).


(١) مجموع الفتاوى (١٥/ ١٠، ١١).
(٢) تقدم تخريجه (ص ٣٣٥).
(٣) جامع العلوم والحكم (١٨١).
(٤) جزء من حديث طويل أخرجه أحمد (٤/ ٢٨٨) والترمذي: أبواب صفة القيامة (٥/ ٣١٩) وقال: حديث صحيح.
(٥) سورة النساء آية (٣٢).

<<  <   >  >>