للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكيف يسأل الفقير العاجز ويترك الغني القادر؟ إن هذا لأعجب العجب.

ومنها أن الله يحب أن يسأل ويغضب على من لا يسأله فإنه يريد من عباده أن يرغبوا إليه ويسألوه ويدعوه ويفتقروا إليه، ويحب الملحين في الدعاء، والمخلوق غالبًا يكره أن يسأل لفقره وعجزه ...

ومنها: أن الله تعالى يستدعي من عباده سؤاله، وينادي كل ليلة: هل من سائل فأعطيه؟ هل من داع فأستجيب له؟ (١) وقد قال الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (١٨٦)}. (٢)

فأي وقت دعاه العبد وجده سميعًا قريبًا مجيبًا ليس بينه وبينه حجاب ولا بواب، وأما المخلوق فإنه يمتنع بالحجاب والأبواب ويعسر الوصول إليه في أغلب الأوقات (٣) ...

فقد بين ابن رجب رحمه الله تعالى في كلامه السابق أن الالتجاء إلى الله تبارك وتعالى وسؤاله وحده لا شريك له هو المتعين على كل إنسان لأنه هو الضار النافع الذي بيده كل شيء وهو على كل شيء قدير.

أما المخلوق الضعيف فإنه محتاج إلى من يسأله ويعينه فكيف يسأل ويطلب مما يدل دلالة واضحة على أن الدعاء عبادة لا يجوز صرفها لغير الله عز وجل كما قال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (٦٠)} (٤).


(١) كما جاء ذلك في حديث النزول، وقد سبق تخريجه (ص ٢١٦).
(٢) سورة البقرة آية (١٨٦).
(٣) نور الاقتباس (ص ٦٠) وما بعدها.
(٤) سورة غافر آية (٦٠).

<<  <   >  >>