للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحدهما: ما علم أنه خير محض كسؤاله خشيته من الله عز وجل وطاعته وتقواه وسؤاله الخير والاستعاذة به من النار فهذا يطلب من الله تعالى بغير تردد، ولا تعليق بالعلم والمصلحة لأنه خير محض، ومصلحة حاصلة فلا وجه لتعليقه بشرط وهو معلوم الحصول، وكذلك لا يعلق بمشيئة الله عز وجل لأن الله يفعل ما يشاء ولا مكره له ولا فائدة لتعليقه بمشيئته ولكن يجزم المسألة كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يقل أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت ولكن ليعزم المسألة فإن الله لا مكره له" أخرجاه (١) من حديث أنس وأبي هريرة بمعناه.

وفي رواية مسلم "ولكن ليعزم المسألة وليعظم الرغبة فإن الله لا يتعاظمه شيء" (٢).

وفي رواية للبخاري: "إن الله لا يتعاظمه شيء ويفعل ما يشاء ولا مكره له" (٣).

النوع الثاني: ما لا يعلم أنه خيرة للعبد أم لا كالموت والحياة والغنى والفقر والولد والأجل وكسائر حوائج الدنيا التي تجهل عواقبها فهذه لا ينبغي أن يسأل الله منها إلا ما يعلم منه الخيرة للعبد، فإن العبد جاهل بعواقب الأمور وهو مع هذا عاجز عن تحصيل مصالحه ودفع مضاره، فينبغي له أن يسأل حوائجه ممن هو عالم قادر، ولهذا شرعت الاستخارة في الأمور الدنيوية كلها وشرع أن يقول الداعي في استخارته: "اللهم أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم


(١) أخرجه البخاري: كتاب الدعوات، باب ليعزم المسألة فإنه لا مكره له (٧/ ١٥٣) ومسلم: كتاب الذكر والدعاء، باب العزم بالدعاء ولا يقل إن شئت (٤/ ٢٠٦٣).
(٢) صحيح مسلم: كتاب الذكر والدعاء، باب العزم بالدعاء ولا يقل إن شئت (٤/ ٢٠٦٣).
(٣) صحيح البخاري: كتاب التوحيد، باب في المشيئة والإرادة (٨/ ١٩٣).

<<  <   >  >>