للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب ثم يقول: اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر ويسميه خير لي في ديني ودنياي ... " (١).

وكذلك في هذا الدعاء يسأل الله بعلمه الغيب وقدرته على الخلق ومما يعلم الخيرة من موت أو حياة.

وقد تضمن الدعاء الذي في هذا الحديث (٢) النوعين معًا فإنه لما سأل الموت والحياة قيد ذلك بما يعلم الله أن فيه الخيرة لعبده، ولما سأل الخشية وما بعدها مما هو خير صرف جزم به ولم يقيده بشيء (٣).

وقد ذكر ابن رجب رحمه الله تعالى أن للدعاء آدابًا يجب على العبد أن يتحلى به لأنها سبب في استجابة الدعاء فقال: "وقوله" ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يده إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك" (٤) قال:


(١) أخرجه البخاري: كتاب التهجد، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى (٢/ ٥١).
(٢) يقصد به حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو بهؤلاء الدعوات: "اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحييني ما علمت الحياة خيرًا لي، وتوفني إذا علمت الوفاة خيرًا لي، اللهم إني أسألك خشيتك في الغيب والشهادة وكلمة الحق في الغضب والرضا، وأسألك القصد في الفقر والغنى، وأسألك نعيما لا ينفد وقرة عين لا تنقطع وأسألك الرضا بعد القضاء، وبرد العيش بعد الموت، وأسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين".
أخرجه أحمد (٤/ ٢٦٤) والنسائي (٣/ ٥٥) والحاكم (١/ ٥٢٤).
(٣) شرح حديث عمار بن ياسر (ص ١٣ - ١٥).
(٤) هذا جزء من حديث أخرجه مسلم: كتاب الزكاة، باب قبول الصدقة من الكسب الطيب وتربيتها (٢/ ٧٠٣).

<<  <   >  >>