للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخوف بحيث يكون باعثًا على الالتزام بالأوامر والانتهاء عن النواهي مقترنًا بالرجاء وحسن الظن بالله تعالى: القدر الواجب من الخوف ما حمل على أداء الفرائض واجتناب المحارم، فإن زاد على ذلك بحيث صار باعثًا للنفوس على التشمير في نوافل الطاعات والانكفاف عن دقائق المكروهات، والتبسط في فضول المباحات، كان ذلك فضلًا محمودًا، فإن تزايد على ذلك بأن أورث مرضًا أو موتًا أو هما لازمًا بحيث يقطع عن السعي في اكتساب الفضائل المطلوبة المحبوبة لله عز وجل لم يكن محمودًا، ولهذا كان السلف يخافون على عطاء السليمي (١) من شدة خوفه الذي أنساه القرآن، وصار صاحب فراش وهذا لأن الخوف ليس مقصودًا لذاته، إنما هو سوط يساق به المتواني عن الطاعة إليها، ومن هنا كانت النار من جملة نعم الله على عباده الذين خافوه واتقوه.

ولهذا المعنى عدها الله سبحانه من جملة آلائه على الثقلين في سورة الرحمن.

وقال سفيان بن عيينة: "خلق الله النار رحمة يخوف بها عباده لينتهوا" أخرجه أبو نعيم (٢).

والمقصود الأصلي هو طاعة الله عز وجل وفعل مراضيه ومحبوباته، وترك مناهيه ومكروهاته.


(١) عطاء السليمي بفتح السين وكسر اللام وسكون الياء، البصري الزاهد العابد، قال الذهبي: من صغار التابعين، أدرك أنس بن مالك، وكان قد أرعبه الخوف من الله، مات بعد الأربعين ومئة.
اللباب في تهذيب الأنساب (٢/ ١٣٣، ١٣٤) وسير أعلام النبلاء (٦/ ٨٦) وتبصير المنتبه (٢/ ٧٤٦).
(٢) أخرجه أبو نعيم في الحلية (٧/ ٢٧٥).

<<  <   >  >>