للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحدهما عن الآخر، لأن انفراد الخوف يخاف منه القنوط واليأس، وانفراد الرجاء قد يؤدي إلى الجرأة على اقتراف المعاصي وترك الفرائض ولذلك يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لو يعلم المؤمن بما عند الله من العقوبة ما طمع بجنته أحد، ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من جنته أحد" (١).

والواجب على المسلم الذي يريد النجاة وسلوك الطريق المستقيم أن يكون بين الخوف والرجاء، لأن خوفه من الله عز وجل يمنعه من معصيته ورجائه من الله يورث الطمأنينة في قلبه، فهو يرجو رحمة ربه ويخاف عذابه، ولا يفرط في الرجاء فيكون حاله مثل حال المرجئة الذين يقولون لا يضر مع الإيمان معصية، ولا يغلو في الخوف فيقنط من رحمة الله ومغفرته وعفوه حاله مثل حال الخوارج والمعتزلة الذين يقولون أن صاحب الكبيرة خالد مخلد في نار جهنم إذا مات ولم يتب، وخير الأمور الوسط وهو ما دلت عليه النصوص الكثيرة على حد قوله تعالى: {وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} (٢).

٣ - التوكل

التوكل على الله تبارك وتعالى عبادة عظيمة تعبد الله به عباده وأمرهم بأن يعتمدوا عليه وحده دون سواه، لأنه من أفضل العبادات ومن أجل مقامات الدين، ولا يوفق للقيام به على وجه الكمال إلا أولياء الله وحزبه المؤمنين وقد فرضه الله عز وجل على عباده حيث أمر به في مواضع كثيرة من كتابه المنزل على رسوله - صلى الله عليه وسلم - فقال تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (٣).


(١) أخرجه البخاري: كتاب الرقاق، باب الرجاء والخوف (١١/ ٣٠١) ومسلم: كتاب التوبة، باب في سعة رحمة الله تعالى، وأنها سبقت غضبه (٤/ ٢١٠٩).
(٢) سورة الإسراء آية (٥٧).
(٣) سورة آل عمران آية (١٢٢).

<<  <   >  >>