للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإنه إذا رجح الخوف حمله على القنوط من رحمة الله، وإذا رجح الرجاء حمله على الأمن من مكر الله، وكلاهما مخالف للصواب.

يقول ابن رجب رحمه الله تعالى ذلك: "فأما الخوف والرجاء فأكثر السلف على أنهما يستويان، لا يرجح أحدهما على الآخر" (١).

ويقول أيضًا: كان بعض السلف يقول: "من عبد الله بالرجاء وحده فهو مرجئ، ومن عبده بالخوف وحده فهو حروري، ومن عبد الله بالحب وحده فهو زنديق، ومن عبده بالخوف والرجاء والمحبة فهو موحد مؤمن".

وسبب هذا أنه يجب على المؤمن أن يعبد الله بهذه الوجوه الثلاثة المحبة والخوف والرجاء، ولابد له من جميعها، ومن أخل ببعضها فقد أخل ببعض واجبات الإيمان (٢).

فالخوف من الله عز وجل يجب أن لا يصل إلى حد القنوط لأن القنوط يجعل العبد يقنط من رحمة الله عز وجل ومن عفوه ومغفرته بل لابد من الخوف من الله عز وجل مع رجاء ثوابه والطمع فيما عنده وقد جمع الله سبحانه وتعالى بينهما في غير ما آية وجعل ذلك من صفات المؤمنين فقال عز وجل: {وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} (٣).

وقال جل وعلا: {وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} (٤) فالخوف والرجاء لابد أن يكونا في قلب المؤمن فهما متفقان لا ينفك


(١) التخويف من النار (ص ٢٥).
(٢) المصدر السابق (ص ٢٥).
(٣) سورة الأعراف آية (٥٦).
(٤) سورة الأنبياء آية (٩٠).

<<  <   >  >>