للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وخرج الترمذي من حديث أنس قال: قال رجل: يا رسول الله أعقلها وأتوكل، أو أطلقها وأتوكل؟ قال: اعقلها وتوكل" (١).

وهذا كله إشارة إلى أن التوكل لا ينافي الإتيان بالأسباب بل قد يكون جمعهما أفضل" (٢).

فقد بين ابن رجب رحمه الله تعالى في كلامه السابق أن التوكل على الله عز وجل لا يقتضي ترك الأخذ بالأسباب لأن التوكل من أعظم الأسباب التي يحصل بها جلب المنافع، ودفع المضار، ولكن من تمام التوكل عدم الركون إلى الأسباب، وتعلق القلوب بها، والاعتماد عليها، لأن ذلك نقص في التوحيد يفضي بالعبد إلى الشرك، كما أن ترك الأسباب وعدم الأخذ بها وتعطيلها نقص في التوحيد وضعف في التوكل كما يدعيه الجهلة من المتصوفة وغيرهم من أن الأخذ بالأسباب ينافي التوكل، وأن حقيقة التوكل هي القعود وترك العمل.

هذا في الحقيقة عجز وتواكل لا توكل لأنه ينافي التوكل الذي حقيقته اعتماد القلب على الله في حصول ما ينفع العبد في دينه ودنياه ودفع ما يضره في دينه ودنياه.

فمن ترك العمل وقعد عن البحث عن مصادر الرزق التي أحلها الله عز وجل بحجة التوكل فقد جهل معنى التوكل بل جهل جانبًا من مفهوم


(١) أخرجه الترمذي: كتاب صفة القيامة (٤/ ٦٦٨) وابن حبان كما في موارد الظمآن (٦٣٣) من حديث عمرو بن أمية الضمري رضي الله عنه.
قال العراقي: رواه ابن خزيمة في التوكل، والطبراني من حديث عمرو بن أمية الضمري بإسناد جيد. تخريج الإحياء (٤/ ٢٧٩) وقال المناوي في فيض القدير (٢/ ٨) إسناده صحيح. وقال الألباني: حديث حسن.
صحيح الجامع (٢/ ٢٤١).
(٢) جامع العلوم والحكم (٣/ ٣٥٨، ٣٥٩).

<<  <   >  >>