للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذين أوتوا العلم ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعًا مدح لمن أوجب له سماع كتاب الله الخشوع في قلبه، وقال تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٢٢) اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} (١).

وليس القلوب هو زوال قساوتها لحديث الخشوع، وقد قبح الله من لا يخشع قلبه لسماع كتاب الله وتدبره، قال تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا} ... (٢) الآية.

قال ابن مسعود رضي الله عنه: "ما كان بين إسلامنا وبين أن عوتبنا بهذه الآية إلا أربع سنين" خرجه مسلم (٣) وخرجه النسائي (٤) وزاد فيه: "فجعل المؤمنون يعاتب بعضهم بعضًا"

وخرج ابن ماجه (٥) من حديث الزبير رضي الله عنه قال: "لم يكن بين إسلامهم وبين أن نزلت هذه الآية يعاتبهم الله بها إلا أربع سنين ... " (٦).

كما أشار رحمه الله تعالى إلى أن الإنسان إذا تصنع الخشوع وتكلفه فإن ذلك خشوع نفاق وليس خشوعًا لله تبارك وتعالى، يقول في بيان ذلك: "ومتى تكلف الإنسان تعاطي الخشوع في جوارحه وأطرافه مع فراغ قلبه من الخشوع وخلوه منه كان ذلك خشوع نفاق، وهو الذي كان السلف يستعيذون منه كما قال بعضهم: "استعيذوا بالله من خشوع النفاق،


(١) سورة الزمر آية (٢٢، ٢٣).
(٢) سورة الحديد آية (١٦).
(٣) أخرجه مسلم: كتاب التفسير، باب قوله تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} (٤/ ٢٣١٩).
(٤) السنن الكبرى: كتاب التفسير كما في تحفة الأشراف للمزي (٧/ ٧٠).
(٥) السنن: كتاب الزهد، باب الحزن والبكاء (٤١٩٢).
(٦) الخشوع في الصلاة (ص ١١، ١٨).

<<  <   >  >>