للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالوا: وما خشوع النفاق؟ قال: أن ترى الجسد خاشعًا والقلب ليس بخاشع ... " (١) فمن أظهر خشوعًا غير ما في قلبه فإنما هو نفاق على نفاق" (٢).

فابن رجب رحمه الله تعالى في كلامه السابق يبين أن خشوع المؤمن خشوع صادر عن قلب مؤمن مخلص ملتزم بأوامر الله مجتنب نواهيه، قلب ملئ بنور الإيمان والتعظيم لله سبحانه وتعالى، والحياء والخوف منه عز وجل، قلب خاضع متذلل بين يدي الله تبارك وتعالى يرجوه عفوه ويخاف عقابه، بأنه قلب حي بذكر الله وتسبيحه وتحميده، أما خشوع المنافق فهو خشوع صادر عن قلب مظلم لا يعرف معروفًا، ولا ينكر منكرًا، قلب يظهر على جوارح صاحبه التصنع والتكلف حتى يستر سواد قلبه، لأنه قلب لم يستضئ بنور الإيمان، ولم يذق حلاوته وطعمه.

يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: "الفرق بين خشوع الإيمان


(١) أخرجه ابن المبارك في الزهد (٤٦) وابن أبي شيبة في المصنف (١٤/ ٩٥) وأحمد في الزهد (١٧٦) والبيهقي في شعب الإيمان (٥/ ٣٦٤) كلهم ذكروه من قول أبي الدرداء رضي الله عنه.
وذكره البغوي في شرح السنة (١٤/ ٣٢٧) من قول أبي هريرة رضي الله عنه، كما ورد مرفوعًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه بلفظ: "تعوذوا بالله من خشوع النفاق. قالوا: يا رسول الله وما خشوع النفاق؟ قال: خشوع البدن ونفاق القلب" أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (٥/ ٣٦٤) قال العراقي في تخريج الإحياء (٤/ ٣٣١) وفيه الحارث بن عبيد الأيادي ضعفه أحمد وابن معين.
وأخرجه أيضًا ابن عدي في الكامل (٣/ ١٢٩٣) في ترجمة سوار بن مصعب الهمذاني، وقال: ولسوار غير ما ذكرت من الحديث وعامة ما يرويه ليست محفوظة وهو ضعيف كما ذكروه.
(٢) الخشوع في الصلاة (ص ١٣، ١٤).

<<  <   >  >>