للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دعوى الشوق والمحبة لما ظهر منهم من الشطح والدعاوي، بل والإباحة والحلول وغير ذلك من المفاسد ... وكان بعض هؤلاء يقول: إذا لم أجن بك يا حبيبي فبمن؟ ومن هؤلاء من كان يسمى مجنونًا ... ويسمون عقلاء المجانين، وكانت أقوالهم وأفعالهم محفوظة غالبًا، ويصدر منهم من الكلام الحسن شيء كثير، وقد غلط طوائف من المتأخرين في أمرهم فظنوا أن حالهم هو غاية الكمال ... وهذا خطأ قبيح جدًا، ثم أدخلوا في طبقتهم من ليس منهم من المجانين الذين لا حكمة لديهم، ولا ظهر شيء من الأحوال الصحيحة عليهم وإنما يظهر منهم مخالفة الشريعة بالأَعمال والأقوال الشنيعة، ولكن أحسنوا الظن بهم لما يظهر من بعضهم من الأخبار بالمغيبات في بعض الأحيان مما قد أكثر منه من الرهبان والكهان، ونشأ بهذا السبب اعتقاد أن الأولياء لهم طريقة غير طريقة الأنبياء، وأنهم واقفون مع الحقيقة ولا يتقيدون بالشريعة، إلى غير ذلك من أنواع الضلال والبدع الفظيعة (١).

كما بين رحمه الله تعالى أن محبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - تابعة لمحبة الله عز وجل لأن الله سبحانه وتعالى أمرنا بمحبته وطاعته وأنه لا تتم محبة الله سبحانه وتعالى إلا بمحبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأتباعه وطاعته فقال: إن محبة الرسول إنما هي تابعة لمحبة الله جل وعلا، فإن الرسول إنما يحب موافقة لمحبة الله له، ولأمر الله بمحبته وطاعته واتباعه ... " (٢).

وقال: "وقد قرن الله بين محبته ومحبة رسوله في قوله: {أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} (٣) وكذلك ورد في السنة في أحاديث كثيرة جدًا ... والمراد


(١) استنشاق نسيم الأنس (ص ٩٧) وما بعدها.
(٢) المصدر السابق (ص ٨).
(٣) سورة التوبة آية (٢٤).

<<  <   >  >>