للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخطر، وقد يحكمون حكايات العشاق ويشيرون إلى التأدب بما سلكوه من الآداب والأخلاق، وكل هذا ضرر عظيم، وخطره جسيم وقد يكثر ذكر المحبة ويعيدها ويبديها من هو بعيد عن التلبس بمقدماتها ومبادئها (١).

ويقول رحمه الله تعالى: ومن أحبه الله رزقه محبته وطاعته والاشتغال بذكره وخدمته، فأوجب له ذلك القرب منه، والزلفى لديه، والحظ عنده كما قال الله تعالى: {مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (٢).

ففي هذه الآية إشارة إلى أن من أعرض عن حبنا، وتولى عن قربنا ولم يبال، استبدلنا به عن هو أولى بهذه المنحة منه وأحق فمن أعرض عن الله فما له عن الله بدل، ولله منه أبدال ... ثم ذكر وصف الذين يحبهم الله ويحبونه فقال: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} يعني أنهم يعاملون المؤمنين بالذلة واللين وخفض الجناح، ويعاملون الكافرين بالعزة والشدة عليهم والغلظة لهم، فلما أحبوا الله أحبوا أولياءه الذين يحبونه، فعاملوهم بالمحبة والرأفة والرحمة، وبغضوا أعداءه الذين يعادونه، فعاملوهم بالشدة والغلظة كما قال تعالى: {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} (٣).

فإن من تمام المحبة مجاهدة أعداء المحبوب (٤).

وقال رحمه الله تعالى أيضًا: "حذر طوائف من العلماء ممن يكثر


(١) لطائف المعارف (ص ٤).
(٢) سورة المائدة آية (٥٤).
(٣) سورة الفتح آية (٢٩).
(٤) جامع العلوم والحكم (٣/ ١٥٧ - ١٥٩).

<<  <   >  >>