للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما أوضح الله تعالى أن المحبة وحدها لا تكفي بل لابد معها من الخوف والرجاء وهذه هي أصول العبادة التي تبنى عليها قال رحمه الله تعالى في بيان ذلك: "إن العبادة إنما تبنى على ثلاثة أصول: الخوف والرجاء والمحبة، وكل منها فرض لازم، والجمع بين الثلاثة حتم واجب، فلهذا كان السلف يذمون من تعبد بواحد منها وأهمل الآخرين، فإن بدع الخوارج، ومن أشبههم إنما حدثت من التشديد في الخوف والإعراض عن المحبة والرجاء، وبدع المرجئة (١) نشأت من التعلق بالرجاء وحده، والإعراض عن الخوف، وبدع كثير من أهل الإباحة والحلول ممن ينسبون إلى التعبد نشأت من إفراد المحبة والإعراض عن الخوف والرجاء (٢).

كما رد رحمه الله تعالى على من انحرف بالمحبة عن معناها الصحيح إلى معان أخرى بعيدة عن دلالات الكتاب والسنة فقال: "وقد كثر في المتأخرين المنتسبين إلى السلوك تجريد الكلام في المحبة وتوسيع القول فيها بما لا يساوي على الحقيقة مثقال حبة إذ هو عار عن الاستدلال بالكتاب والسنة، وخال من ذكر كلام من سلف من سلف الأمة وأعيان الأئمة وإنما هو مجرد دعاوي قد تشرف بأصحابها على مهاوي، وربما أستشهد وبأشعار عشاق الصور، وفي ذلك ما فيه من عظيم


(١) الإرجاء له معنيان أحدهما: بمعنى التأخير، وسمي المرجئة بهذا المعنى لأنهم يؤخرون الأعمال عن النية والعقد في الإيمان، والمعنى الثاني: الإرجاء بمعنى إعطاء الرجاء وسموا مرجئة بهذا المعنى لأنهم يقولون لا يضر مع الإيمان معصية كما لا تنفع مع الكفر طاعة. والمرجئة أصناف وفرق كثيرة منهم الغلاة كالجهمية، ومنهم دون ذلك ويجمعهم القول بأن الأعمال ليست من الإيمان.
مقالات الإسلاميين (٢/ ٢١٣) والفصل في الملل والنحل (٥/ ٧٣) ... الملل والنحل (١/ ١٣٩).
(٢) لطائف المعارف (ص ٤).

<<  <   >  >>