للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بإخلاص وسروره بذلك لا يعد رياء، لأنه لم يعمل العمل رياء ولا سمعة وإنما عمله لله عزّ وجلّ وهو لا يحب إطلاع الناس عليه، وفرحه وسروره بذلك إنما هو فرح وسرور بطاعة الله تعالى وبفضله عليه. قال ابن رجب رحمه الله تعالى: (فأما إذا عمل العمل لله خالصًا، ثم ألقى الله له الثناء الحسن في قلوب المؤمنين بذلك، بفضل ورحمة، واستبشر بذلك، لم يضره ذلك، وفي هذا المعنى جاء حديث أبي ذر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سئل عن الرجل يعمل العمل لله من الخير، يحمده الناس عليه، فقال: "تلك عاجل بشرى المؤمن" (١) خرجه مسلم، وخرجه ابن ماجه (٢) وعنده "الرجل يعمل العمل فيحبه الناس عليه ... " (٣).

وهنا أمر يجب التنبيه عليه وهو أن كون هذا النوع من الشرك أصغر لا يعني ذلك احتقاره والتقليل من شأنه، فهو وإن كان أصغر بالنسبة للأكبر إلا أنه معدود من أقسام الشرك وهو من الكبائر بالنسبة لسائر الذنوب، بل قد يكون شركًا أكبر بما يصحبه من قصد ونية والواجب على المسلم أن يحذره وأن يبتعد عنه وأن يتوب منه عند الوقوع فيه حفاظًا على توحيده وأعماله، ومنعًا لاستدراج الشيطان له ووقوعه في أخطر شرك نصبه للبشرية على الإطلاق، أعاذنا الله من الشرك كبيره وصغيره جليه وخفيه.


(١) صحيح مسلم: كتاب البر والصلة، باب إذا أثنى على الصالح فهو بشرى لا تضر (٤/ ٢٠٣٤).
(٢) سنن ابن ماجه: كتاب الزهد، باب الثناء الحسن (٢/ ١٤١٢).
(٣) جامع العلوم والحكم (١/ ٣٩، ٤٠).

<<  <   >  >>