للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإخلاص عن كل ما سوى الله" (١).

والرياء الذي يعتبر شركًا أصغر إنما هو يسير الرياء وليس كثيره لأن الكثير منه قد يصل بصاحبه إلى الشرك الأكبر وذلك بحسب قصده ونيته، وهذا لا يصدر إلا من المنافقين الذين توعدهم الله عز وجل بالدرك الأسفل من النار كما أنه يصدر عن من لم تخالط بشاشة الإيمان قلبه، يقول ابن رجب رحمه الله تعالى في بيان ذلك: فتارة يكون -أي العمل- رياء محضًا، بحيث لا يراد به سوى مرئيات المخلوقين دنيوي كحال المنافقين في صلاتهم، قال الله عزّ وجلّ: {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ} (٢) وقال تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (٥) ... } (٣).

وكذلك وصف الله تعالى الكفار بالرياء المحض في قوله: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ} (٤)، وهذا الرياء المحض لا يكاد يصدر من مؤمن في فرض الصلاة والصيام، وقد يصدر في الصدقة الواجبة والحج وغيرهما من الأعمال الظاهرة، والتي يتعدى نفعها، فإن الإخلاص فيها عزيز، وهذا العمل لا يشك مسلم أنه حابط، وأن صاحبه يستحق المقت من الله والعقوبة (٥).

بيانه أن حمد الناس للعبد على عمل الخير دون قصد منه لا يعد من الرياء:

بيّن ابن رجب رحمه الله تعالى أن حمد الناس لمن عمل الخير


(١) فتح المجيد (ص ٨١).
(٢) سورة النساء آية (١٤٢).
(٣) سورة الماعون آية (٤، ٥).
(٤) سورة الأنفال آية (٤٧).
(٥) جامع العلوم والحكم (١/ ٣٤).

<<  <   >  >>