للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المال ونشر العلم فإنه ينقطع بنية الرياء لطارئه عليه، ويحتاج إلى تجديد نية (١).

وهذا كله في الحقيقة يدل على خطر الشرك كبيره وصغيره، وأنه بقدر ما تكون نسبته في العمل يكون الإحباط فيه أشمل وأعم، وهذا مما يوجب على المسلم الحذر من الشرك والابتعاد عنه، وعدم الإستهانة به، وقد حذر النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته منه، وخاف عليهم منه أشد من خوفه عليهم من المسيح الدجال الذي هو شر غائب ينتظر فمع خطورة المسيح الدجال، فالرياء أشد خطرًا وأعظم منه أثرا على المسلمين لما جاء من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الشرك الخفي، يقوم الرجل فيصلي، فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل" (٢).

فهذا يدل على حرصه - صلى الله عليه وسلم - وشفقته على أمته ونصحه لهم وتحذيره مما يخاف عليهم منه يقول صاحب فتح المجيد تعليقًا على هذا الحديث: "هذا من شفقته - صلى الله عليه وسلم - بأمته ورحمته ورأفته بهم، فلا خير إلا دلهم عليه وأمرهم به، ولا شر إلا بينه لهم وأخبرهم به ونهاهم عنه ... فإذا كان الشرك الأصغر مخوفًا على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع كمال علمهم وقوة إيمانهم، فكيف لا يخافه وما فوقه من هو دونهم في العلم والإيمان بمراتب؟ خصوصًا إذا عرف أن أكثر علماء الأمصار اليوم لا يعرفون من التوحيد إلا ما أقر به المشركون، وما عرفوا معنى الإلهية التي نفتها كلمة


(١) جامع العلوم والحكم (١/ ٣٨، ٣٩).
(٢) أخرجه أحمد (٣/ ٣٠) وابن ماجه: كتاب الزهد، باب الرياء والسمعة (٢/ ١٤٠٦) والحاكم (٤/ ٣٢٩) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.

<<  <   >  >>