للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالبدعة اسم هيئة من الابتداع وهي كل ما أحدث واخترع على غير مثال سابق، وهي بهذا المعنى تقال في المدح والذم لأن المراد أنه أتى بشيء مخترع على غير مثال سبق سواءًا كان خيرًا أو شرًا ولكن لفظ البدعة غلب على الحدث المكروه في الدين، قال ابن الأثير: "وأكثر ما يستعمل المبتدع عرفًا في الذم" (١).

وأما البدعة في الشرع فقد عرفها ابن رجب رحمه الله تعالى فقال: "المراد بالبدعة ما أحدث مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه، وأما ما كان له أصل من الشرع يدل عليه فليس ببدعة شرعًا، وإن كان بدعة لغة" (٢).

وقال رحمه الله تعالى: "فقوله - صلى الله عليه وسلم -: "كل بدعة ضلالة" (٣) من جوامع الكلم، لا يخرج عنه شيء، وهو أصل عظيم من أصول الدين، وهو شبيه بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد" (٤) فكل من أحدث شيئًا ونسبه إلى الدين، ولم يكن له أصل من الدين يرجع إليه، فهو ضلالة، والدين بريء منه، وسواء في ذلك مسائل الاعتقادات أو الأعمال، أو الأقوال الظاهرة والباطنة (٥).

فالبدعة إذًا هي كل ما لم يشرعه الله تعالى في كتابه أو على لسان رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - ولم يكن على عهد الصحابة دينًا يعبد الله به أو يتقرب به إليه سواء كان ذلك في الاعتقاد أو الأقوال أو الأعمال.

وقد جاءت الأدلة الكثيرة في كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - التي تدل على وجوب الاتباع والنهي عن البدع ومحدثات الأمور.


(١) النهاية لابن الأثير (١/ ١٠٧).
(٢) جامع العلوم والحكم (٢/ ٢٩٠).
(٣) انظر تخريجه في الورقة التي تليها (ص ٤١٩).
(٤) تقدم تخريجه (ص ٣٨٢).
(٥) جامع العلوم والحكم (٢/ ٢٩١).

<<  <   >  >>