للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلفظ تبارك لم يرد في كتاب الله إلا مسندًا إلى الله، وهي صيغة مفيدة أعظم أنواع معنى البركة وأكثرها نفعًا، وأعمها متعلقًا وأثرًا، فالبركة لله وحده والله سبحانه وتعالى يضعها فيمن شاء، فمن بارك الله فيه وعليه فهو المبارك (١).

وأما التبرك بذوات الأشخاص أو بآثارهم المنفصلة عنهم كشعرهم وفضل وضوئهم ونحو ذلك فهذا يجوز في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد ورد في عدة أحاديث ما يدل على جواز ذلك:

منها حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى الغداة جاء خدم المدينة بآنيتهم فيها الماء فما يؤتى بإناء إلا غمس يده فيها، فربما جاؤوه في الغداة الباردة فيغمس يده فيها" (٢).

ومنها حديث خروج النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديبية وفيه: "وما تنخم النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده" (٣).

وفي رواية "وإذا توضأ النبي - صلى الله عليه وسلم - كادوا يقتتلون على وضوئه" (٤).

وقد سأل أحد الصحابة الرسول - صلى الله عليه وسلم - بردة أهديها فأعطاها إياه فلامه الصحابة على سؤاله البردة فقال: "رجوت بركتها حين لبسها النبي - صلى الله عليه وسلم - لعلي أكفن فيها" (٥).

فهذه الأدلة ونحوها تدل على شرعية التبرك بآثار النبي - صلى الله عليه وسلم - كشعره وملابسه وفضل وضوءه ونحو ذلك، وهذا خاص به - صلى الله عليه وسلم - في حياته.


(١) انظر: بدائع الفوائد لابن القيم (٢/ ١٨٥ - ١٨٧).
(٢) أخرجه مسلم: كتاب الفضائل (٤/ ١٨١٢).
(٣) أخرجه البخاري: كتاب الوضوء (١/ ٦٦).
(٤) أخرجه البخاري: كتاب الوضوء (١/ ٥٥).
(٥) أخرجه البخاري: كتاب الأدب (٧/ ٨٢).

<<  <   >  >>