للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

زرعت، ومتى فقدت القلوب غذاءها وكانت جاهلة به طلبت العوض من غيره فتغذت به فازداد سقمها بفقدها ما ينفعها، والتعوض بما يضرها، فإذا سقمت مالت إلى ما فيه ضررها ولم تجد طعم غذائها الذي فيه نفعها فتعوضت عن سماع الآيات بسماع الأبيات، وعن تدبر معاني التنزيل بسماع الأصوات (١).

٤ - بدعة قراءة القرآن بالألحان:

إن قراءة القرآن بشكل مبتدع لم يكن معروفًا في عهد النبوة وما بعدها من القرون المفضلة كالتلحين والتشدق والقيام بحركات أثناء القراءة كالتمايل يمينًا وشمالًا وأمامًا وخلفًا لأن هذا كله إهانة لكتاب الله تعالى وابتذال له ومخالف لما حثّ عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - من قراءة القرآن بتدبر وتمعن وفهم لمعانيه.

وقد تكلم ابن رجب رحمه الله تعالى عن هذه البدعة فقال: "قراءة القرآن بالألحان بأصوات الغناء وأوزانه وإيقاعاته على طريقة أصحاب الموسيقى، فرخص فيه بعض المتقدمين إذا قصد به الاستعانة على إيصال معاني القرآن إلى القلوب، للتحزين والتشويق والتخويف والترقيق، وأنكر ذلك أكثر العلماء، ومنهم من حكاه إجماعًا. ولم يثبت فيه نزاعًا منهم أبو عبيد وغيره من الأئمة.

وفي الحقيقة: "هذه الألحان المبتدعة المطربة، تهيج الطباع وتلهي عن تدبر ما يحصل له من الاستماع، حتى يصير الإلتذاذ بمجرد سماع النغمات الموزونة والأصوات المطربة، وذلك يمنع المقصود من تدبر معاني القرآن، وإنما وردت السنة بتحسين الصوت بالقرآن، لا بقراءة الألحان، وبينهما بون بعيد" (٢).

هذه أمثلة من البدع المخالفة لكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولا


(١) نزهة الأسماع في مسألة السماع (ص ٨٠ - ٨٣).
(٢) المصدر السابق (ص ٧٠، ٧١).

<<  <   >  >>