للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

زالت هذه البدع كلها موجودة إلى يومنا هذا بل أكثر منها، فكل البدع التي فعلت في الماضي في أزمان مختلفة فعلت في زماننا هذا نسأل الله السلامة والعافية. وتفشي البدع وانتشارها وخصوصًا في زماننا هذا له أسباب كثيرة منها:

١ - الجهل بأحكام الدين: كلما امتدّ الزمن وبعد الناس عن كتاب ربهم وسنة نبيهم قلّ العلم وفشى الجهل كما أخبر بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالمًا اتخذ الناس رؤوسًا جهالًا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا" (١).

فالجهل هو أخطر سبب يؤدي إلى انتشار البدع، ولا يقاوم ذلك إلا العلم والعلماء، فإذا فقد العلم والعلماء أتيحت الفرصة للبدع أن تظهر وتنتشر.

٢ - اتباع الهوى وذلك أن من أعرض عن الكتاب والسنة فإن الشيطان يزين له البدع ويحسنها، وقد ذم الله تبارك وتعالى من يتبعون الهوى ويعرضون عن الحق الذي جاء به الشرع فقال تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ} (٢) وقال تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ} (٣) إلى غير ذلك من الآيات الواردة في ذم الهوى وأصحابه، والبدع إنما هي


(١) أخرجه البخاري: كتاب العلم، باب كيف يقبض العلم (١/ ١٧٤) ومسلم: كتاب العلم، باب رفع العلم وقبضه (٤/ ٢٠٥٨).
(٢) سورة القصص آية (٥٠).
(٣) سورة الجاثية آية (٢٣).

<<  <   >  >>