للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نسيج الهوى المتبع يقول الشاطبي (١) رحمه الله تعالى: "سمي أهل البدع أهل الأهواء لأنهم اتبعوا أهواءهم فلم يأخذوا الأدلة مأخذ الافتقار إليها أو التعويل عليها حتى يصدوا عنها، بل قدموا أهواءهم واعتمدوا على آرائهم ثم جعلوا الأدلة الشرعية منظورًا فيها وراء ذلك" (٢).

٣ - التشبه بالكفار وتقليدهم من أشد ما يوقع في البدع كما في حديث ابن واقد الليثي قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى حنين ونحن حدثاء عهد بكفر، وللمشركين سدرة يعكفون عندها وينوطون بها أسلحتهم يقال لها ذات أنواط (٣) فمررنا بسدرة فقلنا: "يا رسول الله جعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الله أكبر، إنها السَّنَن (٤) قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} (٥) لتركبن سنن من كان قبلكم" (٦).


(١) إبراهيم بن موسى بن محمد الغرناطي الشاطبي، أبو إسحاق محدث، فقيه، أصولي، له مؤلفات كثيرة منها: الاعتصام و"الموافقات" توفي سنة ٧٩٠ هـ.
شجرة النور الزكية (١/ ٢٣١) ودرة الحجال (١/ ١٨٢) والأعلام (١/ ٧٥).
(٢) الاعتصام للشاطبي (٢/ ١٧٦).
(٣) ذات أنواط: هي شجرة عظيمة قريبة من مكة كان أهل الجاهلية يعظمونها ويذبحون لها ويعكفون عندها يومًا، وكانوا يعلقون أرديتهم عليها ويدخلون الحرم بغير أردية تعظيمًا لها، ولذلك سميت ذات أنواط يقال: ناط الشيء ينوطه نوطًا إذا علقه.
النهاية لابن الأثير (٥/ ١٢٨) ومعجم البلدان (١/ ٢٧٣) ولسان العرب (٧/ ٤٢٠).
(٤) السنن بفتح السين والنون وهو الطريق ويجوز في السين الضم والكسر.
المصباح المنير (١/ ٢٩٢).
(٥) سورة الأعراف آية (١٣٨).
(٦) أخرجه أحمد (٥/ ٢١٨) والترمذي: كتاب الفتن، باب ما جاء لتركبن سنن من كان قبلكم (٤/ ٤٧٥) وقال: حديث حسن صحيح.
والطبراني في الكبير (٣/ ٢٤٣) وابن أبي عاصم في السنة (١/ ٣٧) وقال الألباني: إسناده حسن.

<<  <   >  >>