للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأكملوا الشرع بما أحدثوه من ضلالات زاعمين أن ذلك مما يقربهم إلى الله عزّ وجلّ، وهذا خطر عظيم واعتراض على رب العالمين سبحانه وتعالى، واتهام للدين بالنقص، وللرسول - صلى الله عليه وسلم - بالخيانة والكتمان، وهذا كله باطل لا شك فيه، فالله سبحانه وتعالى قد أكمل لعباده الدين وأتم عليهم النعمة كما قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (١).

والرسول - صلى الله عليه وسلم - قد بلغ ما أوحي إليه بلاغًا مبينًا لم يترك طريقًا للخير يقربنا إلى الله عزّ وجلّ إلا ودلنا عليه، ولا طريقًا يبعد عن الله عزّ وجلّ إلا وحذرنا منه ولذا تقول عائشة رضي الله عنها لمسروق (٢) رحمه الله تعالى كما في صحيح مسلم (٣) "ثلاث من تكلم بواحدة منها فقد أعظم على الله الفرية" وذكرت منها: من زعم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتم شيئًا من كتاب الله فقد أعظم على الله الفرية والله يقول: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} (٤).

فلو كانت البدع التي أحدثها المبتدعة من الدين الذي أتمه الله علينا ورضيه لنا دينًا لبينه الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأمته إما بقوله أو فعله، فلما لم يبين ذلك دلّ على أن ما أحدثه هؤلاء ليس من الدين في شيء، وقد تكلم


(١) سورة المائدة آية (٣).
(٢) الإمام العلم أبو عائشة مسروق بن الأجدع بن مالك بن أمية الوادعي الهمداني، من كبار التابعين.
قال يحيي بن معين: مسروق ثقة، لا يسأل عن مثله، توفي رحمه الله سنة ٦٣ هـ.
الجرح والتعديل (٨/ ٣٩٦) وتذكرة الحفاظ (١/ ٤٩) وتهذيب التهذيب (١٠/ ١٠٩).
(٣) صحيح مسلم: كتاب الإيمان، باب معنى قول الله عزّ وجل {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} (١/ ١٥٩).
(٤) سورة المائدة آية (٦٧).

<<  <   >  >>