للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ابن رجب رحمه الله تعالى عن هذا كله فقال: "أهل الأهواء والبدع كلهم مفترون على الله، وبدعتهم تتغلظ بحسب كثرة افترائهم عليه، وقد جعل الله من حرم ما أحله الله، وحلل ما حرمه الله مفتريًا عليه الكذب، فمن قال على الله ما لا يعلم فقد افترى عليه الكذب ومن نسب إلى الله ما لا يجوز نسبته إليه من تمثيل أو تعطيل، أو كذب بأقداره فقد افترى على الله الكذب، وقد قال الله عزّ وجلّ: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (١) " قال سفيان: الفتنة أن يطبع الله على قلوبهم (٢).

فلهذا تغلظت عقوبة المبتدع على عقوبة العاصي، لأن المبتدع مفتر على الله، مخالف لأمر رسوله لأجل هواه (٣).

فالبدع كلها شر وضلالة، ومحادة لله سبحانه وتعالى ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - ويخشى أن يكون أهل الأهواء والبدع ممن حيل بينهم وبين التوبة عن أنس بن مالك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله حجز التوبة عن كل صاحب بدعة" (٤).


(١) سورة النور آية (٦٣).
(٢) ذكره السيوطي في الدر المنثور (٦/ ٢٣٢) وعزاه لعبد بن حميد.
(٣) الحكم الجديرة بالإذاعة (ص ٤٣، ٤٤).
(٤) أخرجه ابن أبي عاصم في السنة (١/ ٢١) والبيهقي في شعب الإيمان (٥/ ٤٤٩) والطبراني في الأوسط (٤٣٦٠) وابن وضاح في البدع والنهي عنها (٥٥) والهروي في ذم الكلام وأهله (٥/ ٩٩/ ب)، وقال المنذري في الترغيب والترهيب (١/ ٨٦) رواه الطبراني وإسناده حسن. وقال الهيثمي في المجمع (١٠/ ١٨٩) رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح غير هارون بن موسى الفروي وهو ثقة، وقد تكلم عن هذا الحديث وطرقه العلامة محمد بن ناصر الدين الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة حديث رقم (١٦٢٠).

<<  <   >  >>