وهبوب الرياح، وتغيّر الأسعار، وما كان يماثلها من الأمور، حيث أنهم يدّعون أن للكواكب في مجاريها واجتماعها وافتراقها تأثيرًا في الأمور السفلية والتنجيم بهذا يكون من ادّعاء علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى؛ كما دلّت على ذلك النصوص الكثيرة في كتاب الله وسنّة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وهو نوع من أنواع السحر، لأنه ضرب من التخييل والإيهام وهو شرك، لأن فيه استعانة بغير الله سبحانه وتعالى.
وأمّا تعلّم منازل الشمس والقمر للاستدلال بذلك على القبلة وأوقات الصلوات والفصول، فهذا رخّص فيه كثير من العلماء لحصول المنفعة به، وهو وسيلة إلى معرفة أوقات العبادات والاهتداء به إلى الجهات.
قال الخطابي رحمه الله تعالى: "فأمّا علم النجوم الذي يدرك من طريق المشاهدة والحسّ الذي يعرف به الزوال ويعلم به جهة القبلة فإنه غير داخل فيها نهي عنه، وذلك أن معرفة رصد الظل ليس شيئًا بأكثر من أن الظل مادام متناقصًا، فالشمس بعد صاعدة نحو وسط السماء من الأفق الشرقي، وإذا أخذ في الزيادة فالشمس هابطة من وسط السماء نحو الأفق الغربي، وهذا علم يصحّ إدراكه من جهة المشاهدة، إلاّ أن أهل هذه الصناعة قد دبّروه بما اتّخذوا له من الآلة التي يستغني الناظر فيها عن مراعاة مدّته ومراصدته. وأمّا ما يستدلّ به من جهة النجوم على جهة القبلة، فإنما هي كواكب رصدها أهل الخبرة بها من الأئمّة الذين لا نشكّ في عنايتهم بأمر الدين ومعرفتهم بها وصدقهم فيما أخبروا به عنها مثل أن يشاهدوها بحضرة الكعبة ويشاهدوها في حال الغيبة عنها، فكان إدراكهم الدلالة منها بالمعاينة وإدراكنا لذلك بقبولنا لخبرهم؛ إذ كانوا غير متهمين في دينهم ولا مقصّرين في معرفتهم (١).
(١) معالم السنن (٤/ ٢٣٠)، وانظر تيسير العزيز الحميد (ص ٣٩٣).