للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يعتقدون أنه يعدي، فنفى ذلك النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وممّن قال هذا من العلماء ابن عيينة والإمام أحمد وغيرهما، ولكن لو كان كذلك لكان هذا داخلًا في قوله: "لا عدوى"، وقد يقال: هو من باب عطف الخاص على العام وخصّه بالذكر لاشتهاره عندهم بالعدوى.

وقالت طائفة: بل المراد بصفر شهر، ثم اختلفوا في تفسيره على قولين:

أحدهما: أن المراد نفي ما كان أهل الجاهلية يفعلون في النسئ، فكانوا يحلّون المحرم ويحرّمون صفرًا مكانه، وهذا قول مالك ...

والثاني: أن المراد أن أهل الجاهلية كانوا يتشاءمون بصفر، ويقولون: إنه شهر شؤم، فأبطل النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك، وهذا حكاه أبو داود عن محمد بن راشد المكحولي (١) عمّن سمعه يقول ذلك.

ولعلّ هذا القول أشبه الأقوال، وكثير من الجهّال يتشاءم بصفر وربما ينهى عن السفر فيه، والتشاؤم بصفر من جنس الطيرة المنهي عنه، وكذلك التشاؤم بالأيام كيوم الأربعاء ...

وكذلك تشاؤم أهل الجاهلية بشوّال في النكاح فيه خاصة، وقد قيل أن أصله أن طاعونًا وقع في شوّال في سنة من السنين فمات فيه كثير من العرائس، فتشاءم بذلك أهل الجاهلية، وقد ورد الشرع بإبطاله، قالت


(١) محمد بن راشد المكحولي الخزاعي أبو عبد الله الدمشقي، قال أبو حاتم: كان صدوقًا حسن الحديث، وقال ابن حبان: كان من أهل الورع والنسك ولم يكن الحديث من صنعته وكثر المناكير في روايته فاستحق الترك، توفي قبل السبعين ومائة.
الجرح والتعديل (٧/ ٢٥٣)، والمجروحين (٢/ ٢٥٣)، وميزان الاعتدال (٣/ ٥٤٣)، وتهذيب التهذيب (٩/ ١٥٨).

<<  <   >  >>