للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الطيرة تجلب لهم نفعًا أو تدفع عنهم ضرًّا من دون الله عزّ وجلّ، وهذا عين الشرك المنهيّ عنه.

كما أوضح ابن رجب رحمه الله تعالى أن من أمور الجاهلية التي نهى عنها الرسول - صلى الله عليه وسلم - التشاؤم بالهامة وصفر وغيرها، فقال رحمه الله تعالي: "وأمّا قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ولا هامة"، فهي نفي لما كانت الجاهلية تعتقده أن الميّت إذا مات صارت روحه هامة وهو طائر يطير وهو شبيه باعتقاد أهل التناسخ أن أرواح الموتى تنتقل إلى أجساد حيوانات من غير بعث ولا نشور.

وكل هذه اعتقادات باطلة جاء الإسلام بإبطالها وتكذيبها، ولكن الذي جاءت به الشريعة أن أرواح الشهداء في حواصل طير خضر تأكل من ثمار الجنّة، وترد من أنهار الجنّة إلى أن يردّها الله إلى أجسادها (١)، وروي أيضًا: "إن نسمة المؤمن (٢) طائر يعلق في شجر الجنّة حتى يرجعها الله إلى أجسادها يوم القيامة" (٣).

وأمّا قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ولا صفر"، فاختلف في تفسيره، فقال كثير من المتقدّمين الصفر: داء في البطن يقال إنه دود فيه كبار كالحيات وكانوا


(١) كما ورد ذلك في الحديث الذي أخرجه مسلم: كتاب الإمارة -باب بيان أن أرواح الشهداء في الجنّة (٣/ ١٥٠٢).
(٢) نسمة المؤمن: النسمة بفتحتين الروح والنفس، وكل شيء في روح فهو نسمة. النهاية لابن الأثير (٥/ ٤٩)، ولسان العرب (١٢/ ٥٧٣).
(٣) أخرجه أحمد (٣/ ٣٥٥)، والترمذي: كتاب فضل الجهاد -باب ما جاء في ثواب الشهداء (٤/ ١٧٤)، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وابن ماجه: كتاب الزهد - باب ذكر القبر والبلى (٢/ ١٤٢٨).
والنسائي: كتاب الجنائز -باب أرواح المؤمنين (٤/ ١٠٨)، وقال الألباني في تعليقه على شرح العقيدة الطحاوية (ص ٤٥٦): صحيح.

<<  <   >  >>