للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجوارح إلى طاعة الله فحينئذ يدخل حبّ الإيمان في القلب كما يدخل حب الماء البارد الشديد برده في اليوم الشديد حرّه للظمأن الشديد عطشه، ويصير الخروج من الإيمان أكره إلى القلوب من الإلقاء في النار وأمرّ عليها من الصبر ... فالإيمان بالله ورسوله وظيفة القلب واللّسان ثم يتبعها عمل الجوارح وأفضلها الجهاد في سبيل الله (١).

هذا ما قرّره ابن رجب رحمه الله تعالى في تعريف الإيمان عند أهل السنّة والجماعة، وهذا التعريف هو التعريف الذي تضافرت الأدلّة على صحته من الكتاب والسنّة، وهو ما أجمع عليه سلف هذه الأمّة عليهم رحمة الله تعالى.

وقد ذكر ابن رجب رحمه الله تعالى في كلامه السابق بعض الأدلّة من الكتاب والسنّة التي تدل على صحة هذا التعريف، وذكر ما حكاه الشافعي من إجماع الأمّة على ذلك، وقد حكى هذا الإجماع البغوي رحمه الله تعالى، فقال: "واتّفقت الصحابة والتابعون فمن بعدهم من علماء السنّة على أن الأعمال من الإيمان؛ لقوله سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} ... إلى قوله: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} (٢)، فجعل الأعمال كلّها إيمانًا" (٣).

فقول السلف في الإيمان هو القول الحق الذي دلّت عليه الأدلّة الكثيرة الواردة في كتاب الله سبحانه وتعالى وسنّة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وهناك أدلّة أخرى لم يذكرها ابن رجب رحمه الله تعالى في كلامه، منها قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} (٤).


(١) لطائف المعارف (ص ٢٣٩ - ٢٤١). وانظر فتح الباري (١/ ٤١ - ٤٢).
(٢) سورة الأنفال، آية (٢، ٣).
(٣) شرح السنة للبغوي (١/ ٤١).
(٤) سورة البقرة، آية (١٤٣).

<<  <   >  >>