للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن الأوزاعي رحمه الله تعالى قال: "الإيمان قول وعمل ويزيد وينقص، فمن زعم أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص فاحذروه فإنه مبتدع" (١).

والآثار الواردة في هذا المعنى عن الصحابة والتابعين وأئمَّة السلف من بعدهم كثيرة جدًا، وكلّها تدلّ على أنهم مجمعون على القول بزيادة الإيمان ونقصانه، وقد تناول ابن رجب رحمه الله تعالى هذه المسألة وبيّن أن الإيمان يزيد وينقص، يزيد بعمل الطاعات وخصال الخير، وينقص بترك الطاعات وفعل المعاصي.

يقول رحمه الله تعالى: "ومن أحبّ لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله، فقد استكمل الإيمان. ومن كان حبّه وبغضه وعطاؤه ومنعه لهوى نفسه كان ذلك نقصًا في إيمانه، فيجب عليه التوبة من ذلك، والرجوع إلى اتّباع ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - من تقديم محبة الله ورسوله وما فيه رضا الله ورسوله على هوى النفس ومراداتها كلّها" (٢).

وقال رحمه الله تعالى وهو يتكلّم عن الحرص على المال، وأن من طلب المال من الوجوه المحرّمة ومنع به الحقوق الواجبة فقد نقص إيمانه بذلك، قال "ومتى وصل الحرص على المال إلى هذه الدرجة نقص بذلك الدين والإيمان نقصًا بيّنًا، فإن منع الواجبات وتناول المحرمات ينقص بهما الدّين، والإيمان بلا ريب ينقص، حتى لا يبقى منه إلَّا القليل" (٣).

وقال رحمه الله تعالى أيضًا: "وفي السنن عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أعطى لله، ومنع لله، وأحب لله، وأبغض لله فقد استكمل الإيمان" (٤).


(١) أخرجه الآجري في الشريعة (ص ١١٧).
(٢) جامع العلوم والحكم (٣/ ٢٢٦).
(٣) جامع البيان شرح حديث "ما ذئبان جائعان" (ص ١٣).
(٤) أخرجه أبو داود: كتاب السنة - باب الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه (٥/ ٦٠)، والترمذي: كتاب صفة القيامة - باب اعقلها وتوكّل (٤/ ٦٧٠)، وقال: هذا حديث حسن.

<<  <   >  >>