للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإيمان، ويدلّ على أن من قدر على خصلة من خصال الإيمان وفعلها كان أفضل من تركها عجزًا.

ويدلّ على صحة ذلك أيضًا: قوله - صلى الله عليه وسلم - في حق النساء: "أما نقصان دينها، فإنها تمكث الأيام والليالي لا تصلّي" (١)، يشير إلى أيَّام الحيض، مع أنها ممنوعة حينئذ من الصلاة، وقد جعل ذلك نقصًا في دينها، فدلّ على أن من قدر على واجب وفعله، فهو أفضل ممن عجز عنه وتركه، وإن كان معذورًا في تركه" (٢).

بهذا يتبيّن أن مذهب أهل السنّة والجماعة -ومنهم الحافظ ابن رجب- هو القول بزيادة الإيمان ونقصانه، وهو الحق الذي دلّت عليه نصوص الكتاب والسنّة.

أمَّا غيرهم من المبتدعة على اختلاف أسمائهم، فقالوا: إن الإيمان لا يزيد ولا ينقص، وكل منهم استدلّ بأدلّة مختلفة، ولكل منهم وجهة، ولكن هدفهم واحد وهو أن الإيمان غير قابل للزيادة والنقصان.

والسلف يعدّون من أنكر زيادة الإيمان ونقصانه من المرجئة ذكر البيهقي بإسناده عن الثوري، أنَّه قال: "خالفنا المرجئة في ثلاث: نحن نقول: الإيمان قول وعمل، وهم يقولون: قول بلا عمل؛ ونحن نقول: يزيد وينقص، وهم يقولون: لا يزيد ولا ينقص؛ ونحن نقول: أهل القبلة عندنا مؤمنون، أما عند الله فالله أعلم، وهم يقولون: نحن عند الله مؤمنون" (٣).


(١) جزء من حديث تقدم تخريجه (ص ٥٢١).
(٢) جامع العلوم والحكم (٣/ ٦١).
(٣) الاعتقاد للبيهقي (ص ٨٤).

<<  <   >  >>