للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على الإيمان" (١)، لأن الأعمال بالجوارح، وإنّما يتمكّن منه في الحياة، فأمّا عند الموت فلا يبقى غير التصديق بالقلب.

ومن هنا قال المحققون من العلماء كل مؤمن مسلم، فإن من حقّق الإيمان، ورسخ في قلبه قام بأعمال الإسلام؛ كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كلّه، وإذا فسدت فسد الجسد كلّه ألا وهي القلب" (٢)، فلا يتحقق القلب بالإيمان إلَّا وتنبعث الجوارح في أعمال الإسلام، وليس كل مسلم مؤمنًا، فإنه قد يكون الإيمان ضعيفًا فلا يتحقّق القلب به تحقّقًا تامًّا مع عمل جوارحه أعمال الإسلام، فيكون مسلمًا وليس بمؤمن الإيمان التامّ؛ كما قال تعالى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} (٣) الآية، فلم يكونوا منافقين بالكلية على أصحّ التفسيرين ... بل كان إيمانهم ضعيفًا، ويدلّ عليه قوله تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا} الآية، يعني: لا ينقصكم من أجورها، فدلّ على أن معهم من الإيمان ما يقبل به أعمالهم ...

أما اسم الإسلام، فلا ينتفي بانتفاء بعض واجباته أو انتهاك بعض محرّماته، وإنّما ينفي بالإتيان بما ينافيه بالكلية، ولا يعرف في شيء من السنّة الصحيحة نفي الإسلام عمّن ترك شيئًا من واجباته كما ينفي الإيمان


(١) أخرجه أحمد (٢/ ٣٦٨)، وأبو داود: كتاب الجنائز - باب الدعاء للميت (٣/ ٥٣٩)، والترمذي: كتاب الجنائز - باب ما يقول في الصلاة على الميت (٣/ ٣٤٤)، وابن ماجه: كتاب الجنائز - باب ما جاء في الدعاء في الصلاة على الجنازة (١/ ٤٨٠)، والحاكم (١/ ٣٥٨)، وقال: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي، وقال الهيثمي في المجمع (٣/ ٣٣): رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.
(٢) تقدم تخريجه (ص ٣٦٦).
(٣) سورة الحجرات، آية (١٤).

<<  <   >  >>