للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من أهل السنّة والجماعة: "إن الإيمان قول وعمل، والإسلام فعل ما فرض الله على الإنسان أن يفعله، إذا ذكر كل اسم على حدته مضمومًا إلى الآخر، فقيل المؤمنون والمسلمون جميعًا، مفردين أريد بأحدهما معنى لم يرد به الآخر، وإذا ذكر أحد الاسمين شمل الكل وعمَّهم.

وقد ذكر هذا المعنى أيضًا الخطابي في كتابه معالم السنن (١)، وتبعه جماعة من العلماء من بعده، ويدلّ على صحة ذلك أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فسَّر الإيمان عند ذكره مفردًا في حديث وفد عبد القيس بما فسَّر به الإسلام المقرون بالإيمان في حديث جبريل، وفسَّر في حديث الآخر الإسلام بما فسَّر به الإيمان كما في مسند الإمام أحمد عن عمرو (٢) بن عنبسة ... " (٣).

وقال رحمه الله تعالى أيضًا: "وبهذا التفصيل الذي ذكرناه يزول الإختلاف، فيقال: إذا أفرد كل من الإسلام والإيمان بالذكر، فلا فرق بينهما حينئذ، وإن قرن بين الإسمين كان بينهما فرق، والتحقيق في الفرق بينهما: أن الإيمان هو تصديق القلب وإقراره ومعرفته، والإسلام هو استسلام العبد لله وخضوعه وانقياده له، وذلك يكون بالعمل وهو الدين، كما سمّى الله في كتابه الإسلام دينا، وفي حديث جبريل سمَّى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - الإسلام والإيمان والإحسان دينًا، وهذا أيضًا مما يدلّ على أن أحد الإسمين إذا أفرد دخل فيه الآخر، وإنما يفرق بينهما حيث قرن أحد الإسمين بالآخر، فيكون حينئذ المراد بالإيمان جنس تصديق القلب، وبالإسلام جنس العمل ... وكان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يقول في دعائه إذا صلَّى على الميت: "اللهمّ من أحييته منّا فأحيه على الإسلام، ومن توفّيته منا فتوفّه


(١) انظر: معالم السنن (٤/ ٣١٥).
(٢) سبق ذكر حديث عمرو بن عنبسة (ص ٥٢٩).
(٣) جامع العلوم والحكم (١/ ٦٣ - ٦٥).

<<  <   >  >>