للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهل يقطع بتكفير الأعمال الصالحة للصغائر إذا اجتنبت الكبائر؟

فيه قولان ذكرهما ابن عطية (١) في تفسيره، ورجح القول بعدم الجزم بشيء، وإنّما يحمل ذلك على غلبة الظن، وقوّة الرجاء، والمشيئة الثابتة، وعلّل ابن عطية ذلك بأنّه "لو قطعنا لمجتنب الكبائر وممتثل الفرائض بتكفير صغائره قطعًا، لكانت له في حكم المباح الذي يقطع بأنه لا تبعة فيه، وذلك نقض لعرى الشريعة (٢) "، وقد أورد ابن رجب رحمه الله تعالى كلام ابن عطيّة السابق، وعقّب عليه بقوله: "قد يقال لا يقطع بتكفيرها بها، لأن أحاديث التكفير المطلقة بالأعمال جاءت مقيّدة بتحسين العمل كما ورد ذلك في الوضوء والصلاة، وحينئذ يتحقّق حسن العمل الذي يوجب التكفير، وعلى هذا الاختلاف الذي ذكره ابن عطية ينبني الاختلاف في وجوب التوبة من الصغائر" (٣) ... والله أعلم بالصّواب.


(١) أبو محمد عبد الحق بن أبي بكر غالب بن عبد الرحمن بن عطية المحاربي الأندلسي المالكي، كان إمامًا في الفقه والتفسير والعربية، ذكيًا فطنًا، من أوعية العلم، من مؤلّفاته: المحرر والوجيز في تفسير الكتاب العزيز، توفي سنة ٥٤١ هـ.
سير أعلام النبلاء (١٩/ ٥٩٦)، وطبقات المفسّرين للسيوطي (ص ٥٠)، وطبقات المفسّرين للداوودي (١/ ٢٦٥).
(٢) المحرر الوجيز لابن عطية (٤/ ٩٦).
(٣) جامع العلوم والحكم (٢/ ٦٣، ٦٤).

<<  <   >  >>