للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد اهتمّ ابن رجب رحمه الله تعالى ببيان هذه المسألة، فقال رحمه الله تعالى: "بعث الله الرسل مبشّرين ومنذرين مبشّرين بالجنّة من آمن وعمل صالحًا ومنذرين بالنار من كفر وعصى، وأقام أدلّة وبراهين دلّت على صدق رسله فيما أخبروا به عن ربهم" (١).

وقال رحمه الله تعالى أيضًا: "وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "حتى يعبد الله وحده لا شريك له" (٢)، هذا هو المقصود الأعظم من بعثته - صلى الله عليه وسلم -، بل من بعثة الرسل من قبله؛ كما قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (٢٥)} (٣)، وقال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (٤).

بل هذا هو المقصود من خلق الخلق وإيجادهم؛ كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (٥)، فما خلقهم إلّا ليأمرهم بعبادته، وأخذ عليهم العهد لما استخرجهم من صلب آدم على ذلك؛ كما قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا} (٦) الآية.

وقد تكاثرت الأحاديث المرفوعة، والآثار الموقوفة في تفسير (٧) هذه


(١) البشارة العظمى ورقة (٢).
(٢) أخرجه أحمد (٣/ ٥٠)، وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح، المسند حديث رقم (٥١١٤).
(٣) سورة الأنبياء، آية (٢٥).
(٤) سورة النحل، آية (٣٦).
(٥) سورة الذاريات، آية (٥٦).
(٦) سورة الأعراف، آية (١٧٢).
(٧) انظر شرح العقيدة الطحاوية (ص ٢٦٥)، وما بعدها فقد ذكر فيها الشارح رحمه الله تعالى أقوال العلماء في تفسير هذه الآية، والأحاديث الواردة في ذلك.

<<  <   >  >>