للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الآية أنه تعالى استنطقهم حينئذ، فأقرّوا كلهم بوحدانيّته، وأشهدهم على أنفسهم وأشهد عليهم أباهم آدم والملائكة.

ثم أنه تعالى هداهم في كل زمان بإرسال رسله، وإنزال الكتب يذكّرهم بالعهد الأوّل، ويجدّد عليهم العهد والميثاق على أن يوحّدوه ويعبدون ولا يشركوا به شيئًا، وأشار في خطاب آدم وحوّاء عند هبوطهما من الجنّة إلى هذا المعنى في قوله تعالى: {قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٣٨) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٣٩)} (١)، وفي سورة طه (٢) نحو هذا، فما وفى بنو آدم كلهم بهذا العهد المأخوذ عليهم، بل نقضه أكثرهم وأشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانًا، فبعث الله الرسل تجدّد ذلك العهد الأوّل وتدعوا إلى تجديد الإقرار بالوحدانيّة" (٣).

وقال رحمه الله تعالى أيضًا: "فالجهاد في سبيل الله دعاء الخلق إلى الإيمان بالله ورسوله بالسيف واللّسان بعد دعائهم إليه بالحجّة والبرهان، وقد كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في أوّل الأمر لا يقاتل قومًا حتى يدعوهم، فالجهاد به تعلو كلمة الإيمان وتتّسع به رقعة الإسلام، ويكثر الداخلون فيه، وهو وظيفة الرسل وأتباعهم، وبه تصير كلمة الله هي العليا، والمقصود منه أن يكون الدين كلّه لله، والطاعة له؛ كما قال تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} (٤) ... " (٥).


(١) سورة البقرة، آية (٣٨، ٣٩).
(٢) وهي قوله تعالى: {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (١٢٣) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا ... } الآية، سورة طه، آية (١٢٣، ١٢٤).
(٣) الحكم الجديرة بالإذاعة (ص ٢١، ٢٢).
(٤) سورة الأنفال، آية (٣٩).
(٥) لطائف المعارف (ص ٢٤١).

<<  <   >  >>