للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومثل الدنيا كراكب استظلّ تحت شجرة ثم راح وتركها" (١)، فقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن العلماء ورثة الأنبياء، وأن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا وإنما ورثوا العلم"، إشارة إلى أمرين:

أحدهما: أن العالم الذي هو وارث الرسول حقيقة، كما أنه ورث علمه ينبغي أن يورث العلم كما ورّث الرسول العلم، وتوريث العالم العلم هو أن يخلفه بعده بتعليم أو تصنيف، ونحو ذلك مما ينتفع به بعده، والعالم إذا علّم من يقوم به بعده فقد خلّف علمًا نافعًا وصدقة جارية، لأن تعليم العلم صدقة، والذين علّمهم بمنزلة أولاده الصالحين يدعون له، فيجتمع له بتخليف علمه الخصال الثلاثة.

وأمّا الأمر الثاني: فهو أن من كمال ميراث العالم للرسول أن لا يخلف الدنيا كما لم يخلفها الرّسول، وهذا من جملة الاقتداء بالرسول وبسنّته في زهده في الدنيا، وتقلّله منها واجتزائه منها باليسير (٢).


(١) أخرجه الترمذي: كتاب الزهد (٤/ ٥٨٨) وقال: هذا حديث حسن صحيح، وابن ماجه: كتاب الزهد - باب مثل الدنيا (٢/ ١٣٧٦)، وأحمد (١/ ٣٩١)، والحاكم (٤/ ٣١٠)، وقال: هذا حديث صحيح ووافقه الذهبي.
(٢) شرح حديث أبي الدرداء (ص ١٣٧ - ١٤١).

<<  <   >  >>