للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (٥) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ} (١)، إنما أريد به ميراث العلم والنبوّة لا المال، فإن الأنبياء لا يجمعون مالًا يتركونه.

قال عليه السّلام: "ما تركت بعد مؤنة عاملي ونفقة عيالي، فهو صدقة" (٢). وما ترك إلّا درعه وسلاحه وبغلته البيضاء وأرضًا جعلها صدقة (٣). فلم يخلف سوى آله بعده، والأرض التي كان يقتات منها هو وعياله ردّها صدقة على المسلمين.

وكل هذا إشارة إلى أن الرسل لم تبعث بجمع الدنيا وتوريثها لأهليهم، وإنما بعثوا بالدّعوة إلى الله والجهاد في سبيله والعلم النافع وتوريثه لأممهم، وفي مراسيل أبي مسلم الخولاني عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما أوحى الله إليّ أن أجمع المال وأكون من التاجرين، ولكن أوحى إليّ أن سبّح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين"، خرّجه أبو نعيم (٤).

وفي الترمذي وغيره أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما لي وللدنيا إنما مثلي


(١) سورة مريم، آية (٥، ٦).
(٢) أخرجه البخاري: كتاب فرض الخمس - باب نفقة نساء النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بعد وفاته (٤/ ٤٤)، ومسلم: كتاب الجهاد والسير باب قول النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا نورث ما تركنا فهو صدقة" (٣/ ١٣٨٢).
(٣) يدلّ على ذلك ما أخرجه البخاري رحمه الله في صحيحه (٤/ ٤٥) من حديث عمرو بن الحارث، قال: "ما ترك النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إلّا سلاحه وبغلته البيضاء وأرضًا تركها صدقة".
(٤) أخرجه أبو نعيم في الحلية (٢/ ١٣١) من طريق جبير بن نفير عن أبي مسلم مرسلًا، والبغوي في تفسيره (٣/ ٦٠)، وذكره السيوطي في الدر المنثور (٥/ ١٠٥)، وعزاه لسعيد بن منصور وابن المنذر، والحاكم في التاريخ وابن مردويه والديلمى.

<<  <   >  >>