للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هي عليه من الأحوال الجارية في الأزل إلى الأبد (١).

وذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى "أن بعض العلماء عرّف القضاء: بأنه الحكم بالكليات على سبيل الإجمال في الأزل، والقدر: الحكم بوقوع الجزئيات التي لتلك الكليات على سبيل التفصيل" (٢).

وقال السفاريني: "القضاء إرادة الله الأزلية المتعلّقة بالأشياء على ما هي عليه فيما لا يزال" (٣).

وخلاصة القول في هذا ما قاله الإمام الخطابي رحمه الله تعالى، حيث قال: "أنهما أمران لا ينفك أحدهما عن الآخر، لأن أحدهما بمنزلة الأساس والآخر بمنزلة البناء، فمن رام الفصل بينهما فقد رام هدم البناء ونقضه" (٤).

ويقول الراغب الأصفهاني: "والقضاء من الله تعالى أخصّ من القدر لأنه الفصل بين التقدير، فالقدر هو التقدير، والقضاء هو الفصل والقطع، وقد ذكر بعض العلماء أن القدر بمنزلة المعد للكيل والقضاء بمنزلة الكيل، وهذا كما قال أبو عبيدة لعمر رضي الله عنهما لما أراد الفرار من الطاعون بالشام: "أتفرّ من القضاء؟ قال: أفر من قضاء الله إلى قدر الله" (٥)، تنبيهًا أن القدر ما لم يكن قضاء فمرجوّ أن يدفعه الله، فإذا قضى فلا مدفع له ... ويشهد لذلك قوله تعالى: {وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا} (٦)، وقوله: {كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا} (٧)، وقوله: {وَقُضِيَ


(١) التعريفات (ص ١٧٤، ١٧٧).
(٢) فتح الباري لابن حجر (١١/ ١٤٩).
(٣) لوامع الأنوار البهية (١/ ٣٤٧).
(٤) معالم السنن (٤/ ٣٢٣).
(٥) تقدم تخريجه (ص ٣٤٩).
(٦) سورة مريم، آية (٢١).
(٧) سورة مريم، آية (٧١).

<<  <   >  >>