للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد جاء كفار قريش إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يخاصمونه في القدر، فأنزل الله سبحانه وتعالى في ذلك آية ترد عليهم كما جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء مشركو قريش إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يخاصمونه في القدر، فنزلت: {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (٤٨) إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (٤٩)} (١).

وقد حصل بعض الخصام بين بعض الصحابة رضي الله عنهم في القدر، فنهاهم النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عن الخوض في ذلك والتعمّق فيه لما يؤدّي إليه من نتائج سيّئة.

فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم والناس يتكلّمون في القدر، قال: "وكأنما تَفَقَّأ في وجهه حب الرمان من الغضب، قال: فقال لهم: ما لكم تضربون كتاب الله بعضه ببعض؟ بهذا هلك من كان قبلكم"، وقال: "فما غبطت نفسي بمجلس فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم أشهده بما غبطت نفسي بذلك المجلس، أني لم أشهده" (٢).

وقد كان السلف من الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم يكرهون الجدال في القدر ويذمّون من خاض فيه بل حذّروا من ذلك، فهذا الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما يقول: "باب شرك فتح على أهل الصّلاة: التكذيب بالقدر فلا تجادلوهم فيجري شركهم على أيديكم" (٣).


(١) سورة القمر، آية (٤٨، ٤٩).
(٢) أخرجه أحمد (٢/ ١٧٨)، وقال أحمد شاكر، إسناده صحيح. المسند تحقيق أحمد شاكر (١٠/ ١٥٣)، حديث رقم (٦٦٦٨)، وأخرجه أيضًا ابن ماجه: المقدمة - باب في القدر (١/ ٣٣)، وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (١/ ١٤): هذا إسناد صحيح رجاله ثقات.
(٣) أخرجه الآجري في الشريعة (ص ٢١٥)، واللالكائي في شرح أصول أهل السنّة (٤/ ٦٣٠).

<<  <   >  >>